من المؤلم حقا ان تكون من الطبقى الوسطى. من الأكثر ايلام ان تكون واعيا بتلك الطبقة ومراقبا لها سواء كنت منها او لم تكن. هم يخافون على مظهرهم بشكل يشجع على كمية ضخمة من الكذب. ان الكذب عند الطبقى الوسطى اسلوب حياة. هم يخافون بشدة من السقوط ويتطلعون الى الطبقة التي تعلوهم والتي تاهت معالمها للأسف فأصبحوا بالتالي مجرد مسخ يقلد مسخ. تتطلع الطبقة الوسطى المصرية الى طبقة حاكمة مكونة من تجار سلاح وفسادين والى مرجعية دينية خليجية والى تعليم هجين من اسوء ما في المحلي وما في الأجنبي. لا اظن اني فتحت المدونة للحديث عن الطبقة الوسطى. ولا اني فتحتها للحديث عن اي شيء بعينه. ولكن وبعد ان اخترت الأسم والشكل استفذني تصرف ما لا اذكره الأن مرتبط بفكرة الطبقى الوسطى عن نفسها. شيء سخيف في الغالب من قبيل ادعاء عدم تقبل البذائات اللفظية او توهم ما حول علاقتهم بالغرب او مفهوم الفن أو مطالبتهم بخدمة معينة في غير مكانها
أذكر اننا كنا نتناول الأفطار في احدى مقاهي الأسكندرية القديمة والتي لا يزال لها طابع يرتبط بماضي المدينة. كنا ثلاثة، أحدنا فتاة تربت في حي شبرا ودخلت مدارسها التجريبية. اباها ووالدتها من مثقفين وسط المدينة. تنتمي الأم لعائلة شيوعية معروفة أم الأب فمن أصول ريفية. عندما أتى الطبق الذي طلبته والذي لا اذكر محتواه نظرت له بسخرية وعلقت انه لا علاقة له بنفس الطبق كما تناولته في لندن. أذكر جيدا ان الطبق (الذي سأجن حاليا من اني لا أذكر محتواه) كان معدا بالطريقة المعتادة له في جميع الأماكن في مصر. كنت في حالة من حالات عدم امساك اللسان التي المزمنة فقلت لها بصوت عالي
جرا ايه يا بنتي انت تربية شبرا!! هي اول مرة تاكلي البتاع ده في مصر؟ لقد صنفت كثيرا على اني "بلدي" من قبل سيدات الطبقة الوسطى لأني احب الجلوس على الأرض ولأني احب المقاهي واتململ بشكل اسرع بكثير في الكافيهات المكيفة التي لا اصادقها حقا الى في الصيف. الأذكى من بين سيدات الطبقى الوسطى كرهوني لأسباب مختلفة. سيدة منهم لاحظت نظرتي الساخرة في الغالب عندما جلست الى المائدة وهي لا تزال ترتدي قبعتها في المطعم. اخرى قالت انها تعلمت الأكل الخفيف في فرنسا حيث كانت تعيش مع اباها الدبلوماسي (هو في حقيقة الأمر كان اداريا في وزارة الخارجية) فقلت لها فرنسة ايه الي تعلمتي فيها الأكل الخفيف؟ ما كنتيش بتاكلي كرواسون غرقان زبدة ولا ساندويتشات شوكلاتة بعد المدرسة زي باقي البنات؟
أعترف اني شريرة فعلا. لم تبقى اي منهم على صداقتي ولا اظنني رغبت في ذلك. صديقة من أوقات الدراسة، اقرب صديقاتي في السنتان النهائيتان من الدراسة، قالت لي كنت دائما اتمنى ان افعل مثلك. لم تكن صادقة وان صدقت نفسها تماما. كانت تقولها بشهوة طفل يتمنى الهرب من والديه والحياة في السيرك. بعد ليلتان في السيرك سيبكي حتى يعود الى والديه وحتى الى مدرسته. صديقتي تلك سهرت مع حبيبها مدرب التنس في النادي في الليلة السابقة لزواجه من دبلوماسي كوالدها. لازلت لا اصدق القصة الحقيقية تماما. لازال خيالي قاصرا عن تصور مثل هذه الأفعال والعلاقات خارج الأفلام العربية الرديئة
قد استمر في متابعة الطبقى الوسطى وقد امل منها. لا أعلم فاللحظة الأنية هي فقط ما أضمنه